الاثنين، ١ نوفمبر ٢٠١٠

القرضاوي يجيز مقاتلة المسلمين مع الأمريكان ضد المسلمين

نص فتوى القرضاوي


يقول القرضاوي :

سألني كثير من الإخوة الذين قرؤوا الفتوى التي حررها الأخ الدكتور محمد سليم العوا، ووقَّعتُ عليها مع المستشار طارق البشري، والدكتور هيثم الخياط، والأخ فهمي هويدي، والخاصة بالمسلم الذي يعمل في القوات المسلحة الأمريكية، وهي فتوى خاصة به ولمن كان في مثل حاله. فلا ينبغي أن تُعمَّم، والواجب في الفتوى مراعاة: الزمان والمكان والعرف والحال؛ فليست مجرد تقرير مبدأ نظري، بل تنزيل الحكم الشرعي على واقعة معينة في ظروفها وإطارها وحجيتها؛ فلا تعدوها إلى غيرها، إلا ما كان مثلها في كل العوامل المؤثرة في الحكم.
وأحب أن أؤكد هنا بوضوح: أن الإسلام قد حرم على المسلم أن يواجه أخاه المسلم بالسلاح، واعتبر ذلك من أعمال الكفر، وأخلاق الجاهلية؛ فقال –صلى الله عليه وسلم-: "سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر"، وقال: "لا ترجعوا بعدي كفارا، يضرب بعضكم رقاب بعض"، وقال: "إذا التقى المسلمان بسيفيهما؛ فالقاتل والمقتول في النار قالوا: يا رسول الله هذا القاتل، فما بال المقتول؟! قال: إنه كان حريصا على قاتل صاحبه"، وهذه كلها أحاديث صحيحة متفق عليها.
بل حرم الرسول -صلى الله عليه وسلم- على المسلم أن يشير إلى أخيه المسلم بسلاحه (مجرد إشارة) لا جادا ولا مازحا.
وهنا يبرز سؤال: المسلم الذي يكون مجندا في جيش، لا يملك فيه إلا طاعة رؤسائه وتنفيذ أوامرهم التي يصدرونها إليه، وليس من حقه أن يقول: لا، أو: لِمَ، وفق الأنظمة العسكرية المعروفة في العالم اليوم؛        فإذا كان جيش دولته هذا يحارب دولة مسلمة، وهو جندي في هذا الجيش؛ فماذا يصنع، وهو مكرَه على أن يتحرك بحركة الجيش؛ إذ هو فيه مجرد آلة في ترس كبير؟
والذي يتجه إليه النظر الفقهي هنا: أن المسلم إذا أمكنه أن يتخلف عن هذه الحرب بطلب إجازة أو إعفاء من هذه الحرب؛ لأن ضميره لا يوافق عليها، أو نحو ذلك، فالواجب عليه أن يفعل ذلك، حتى لا يتورط في مواجهة المسلم بغير حق. وكذلك إذا استطاع أن يطلب العمل في الصفوف الخلفية لخدمة الجيش، لا في مباشرة القتال؛ فهذا أخف.
هذا ما لم يترتب على موقفه هذا ضرر بالغ له، أو لجماعته الإسلامية التي هو جزء منها؛ كأن يُصنَّف هو وإخوانه في مربّع الذين يعيشون في الوطن، وولاؤهم لغيره. وقد يكون في هذا التصنيف خطر على الأقلية الإسلامية ومصيرها، ووجودها الديني والدعوي. وقد يؤدي بالجهود الدعوية والتربوية الهائلة التي بُذلت لعشرات السنين من أجل تقوية الوجود الإسلامي وتثبيته، واعتبار المسلمين جزءا لا يتجزأ من مجتمعهم، يجب أن يندمجوا فيه حضاريا، ولا يذوبوا فيه دينيا؛ فلا يجوز أن يتصرفوا تصرفا يجعلهم مشبوهين أو مشكوكا فيهم؛ بحيث يعتبرهم المجتمع العام "طابورا خامسا".
ولا ينبغي للأفراد أن يريحوا ضمائرهم بالتخلف عن الحرب إذا كان ذلك سيضر بالمجموعة الإسلامية كلها، فإن القاعدة الشرعية: أن الضرر الأدنى يُتحمَّل لدفع الضرر الأعلى، وأن الضرر الخاص يُتحمَّل لدفع الضرر العام، وحق الجماعة مقدم على حق الأفراد.
وفقه التعارض بين المصالح والمفاسد من أهم أنوع الفقه، الذي سميته (فقه الموازنات)، وهو فقه يفتقده الكثير من المسلمين؛ فلا يجوز أن يخضع العلماء لفقه العوام، الذين يُغلِّبون فقه الظواهر على المقاصد.
وإذا اضطر المسلم للقتال مكرها تحت ضغط الظروف التي ذكرناها؛ فينبغي له أن يبتعد –بقدر ما يمكنه- عن القتل المباشر، وأن يشارك في الحرب –إذا شارك- وهو كاره منكر لها بقلبه، كما هو شأن المؤمن إذا عجز عن تغيير المنكر بيده أو بلسانه؛ فإنه يغيره بقلبه –أي بالكراهية والنفور-، وذلك أضعف الإيمان.
فهذا سر موافقتي على الفتوى التي جاءت من أمريكا، والتي لم يفهم أغوارها –للأسف- كثير من الإخوة الذين ينظرون إلى الأمور من السطوح لا من الأعماق. "إِنْ أُرِيدُ إِلا الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللهِ عَلَيْهِ تَوْكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ" (هود: 88). والله أعلم.

رابط الفتوى
http://www.islamonline.net/arabic/contemporary/Arts/2001/article10d.shtml

و لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق