فقه الواقع بين ثقافة الإحباط … و سياسة الانبطاح

الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين

جعل الله تعالى دين الإسلام  لتكون تعاليمه المثالية هي قوانين الأرض بمن فيها ، تصلح أحوالهم و تسير حياتهم ، و يغير واقع الناس الى ما يرضاه الله تعالى ، لكن البعض جعل هذا الدين خاضعا للواقع يسايره و يتأقلم معه ، فيبدأ بتحريف الشرع و تأويل الأيات و الأحاديث لكي يتناسب مع هذا الواقع ، و اخترعوا فقها جديدا اسموه فقه الواقع ليكون مصطلحا جديدا يقدرون من خلاله على التحريف و الدس و المسخ .

يعرضون الواقع على الناس بصورة محبطة ، توحي بانعدام الأمل لتغيير هذا الواقع ، و يعرضون عليهم فقههم الذي اخترعوه فيتوهم الناس انه الوصفة السحرية للتعامل مع هذا الواقع و مسايرته و المشاركة فيه ، و بهذا يلغي الاتباع فكرة التغيير من رئوسهم فيبدأوا في المشاركة في الواقع الذي لا يرضى الله عنه.

فيشاركون في الباطل بدعوى انها الطريقة الوحيدة لتغييره سواء كان هذا الباطل بدعة او كفر، و بدلا من تغيير الباطل و استبداله بالحق ، يغ ، و بدلا من ان يخرجوا الناس من ظلمات الجهل و البعد عن الاسلام الى نور السنة و الشريعة الاسلامية ، يستدرجون الناس الى ظلمات الفجور و البعد عن الاسلام بخطوات خبيثة .


و تغيرت المفاهيم عندهم  و اجبروا اتباعهم على فهم الاسلام بعقلهم ، فاصبح الانبطاح هو الاعتدال ،و اصبح الركوع و الانحناء و التذلل وسطية ،و صار الالتزام تطرفا و الاستقامة تشددا

فالمقصود من هذا الفقه هو التخلي عن الكرامة و العزة الاسلامية و  الجري وراء الغرب و محاولة ارضائه بالانسلاخ  من تعاليم الاسلام و تقليد الثقافة الغربية و موالاة دول الكفر ، فبدعوى التجديد احلت الاغاني و الموسيقى و التلفزيون و السينما و المسرح ، واحل الاختلاط و الربا و احلت البنوك ، و اصبحت الديموقراطية هي الاسلام و الاسلام هو الديموقراطية ، و صارت القوانين الدولية التي وضعتها الامم المتحدة واجبة الاحترام و استبدلت الشريعة الاسلامية بالشرعية الدولية.
اصبحت مصادر التشريع عندهم هي قوانين الامم المتحدة  و سخروا جهدهم لتغيير حياة المسلمين لتجاري هذه القوانين ، فالاعتدال او التطرف هو الذي تقرره الامم المتحدة ،  ومفهوم الحكم و الجهاد و شرعيته عندهم خاضع لقوانين الغرب ، فالحاكم الشرعي هو الذي تعترف به الامم المتحدة و القتال الشرعي هو الذي لا يعترض عليه مجلس الامن .

فاصدرت الفتاوى بوجوب مساندة القوات الدولية في حربها على الاسلام و المسلمين من اشخاص ينسبون الى العلم و الفقه ، و وضعوا لهذه الفتاوى اصولا سخيفة و تبريرات اسخف، و باسم فقه الواقع احلت دماء المسلمين و باسم فقه الواقع حرم الجهاد ضد الكفار الغزاة .